Monday, September 22, 2003

دموع الرائد بينيت

قبل فترة وجيزة صدر امر للقوات الامريكية المتواجدة في محافظة بابل بالانسحاب لتحل محلها قوات بولندية. وقد انتقد الكثيرون هذه الخطوة، ليس لعدم ثقتهم بالقوات البولندية، ولكنها الطبيعة البشرية بالتخوف من كل تغيير، ولما لمسوه من حسن التعامل والتنظيم والسيطرة على مجريات الامور الذي تميز به الضباط والجنود الامريكيون.
وعلى هذا فقد جرى توديع القوات الامريكية باحتفال رسمي، وقام بعضهم بالذهاب الى مكاتب العراقيين وتوديعهم والتقاط الصور التذكارية وتبادل الامنيات بالخير والسلامة للجميع. ومن بين هؤلاء اذكر الرائد بينيت المسؤول القانوني في قوات التحالف. فقد شاهدته يصافح ويعانق بعض الاخوة العراقيين الذين عملوا معه او كانت لهم معرفة وثيقة به.. حيث بادره احدهم بالقول: نحن سعيدون لاجلك لانك ستعود الى وطنك، وان كنا غير سعيدين بمفارقتكم. وهنا اخذت الرائد بينيت عبرة فسكت هنيهة ثم شبك يديه وقال في حسرة والم واضحين: لست عائدا الى اهلي، بل نحن ذاهبون الى الفلوجة.. ثم القى نفسه على اقرب كرسي.. ولما نظرت الى عينيه وجدتهما اغرورقتا بالدموع..
فهل كانت دموع الرائد بينيت خوفا؟ لا اعتقد.. فهذا المقاتل الذي خاض معارك طاحنة قبل شهور قليلة لا يمكن ان ان يكون جبانا. والارجح انه كان معترضا على الانسحاب لانه يرى انه لم يكمل عمله في محافظة بابل. فقد كان له دور اساسي في تنظيم عمل المحكمة وانشاء المجلس البلدي بالاضافة الى واجبات اخرى. فاذا كانت تلك الدموع تحية، فقد ردت هذه التحية عينا سيدة عراقية احتضنت احشائها جنينا، يبشر مولده بالمستقبل المشرق للعراق الجديد.
فتحية لك ميجر كريك بينت، مقاتلا ساهم في تحرير العراق، وتحية لك محاميا عمل بجد واخلاص من اجل بناء العراق الجديد، وتحية لك انسانا لم يخجل من اظهار خلجات قلبه، وليحمك الله ويعيدك سالما الى بيتك ووطنك.