Sunday, July 03, 2005

لا للتمديد

صرح السيد رئيس الوزراء الدكتور ابراهيم الجعفري، من واشنطن، ان احلال الامن في العراق يحتاج الى فترة تمتد الى عامين. وبقدر ما ينطوي عليه هذا التصريح من عدم التفاؤل، الا ان الكثيرين يعتقدون ان حتى هذه الفترة غير كافية، وان استتباب الامن ربما يستغرق فترة اطول بكثير.
والواقع ان اي توقع للفترة الزمنية غير وارد بالمرة. فما يحدث في العراق حرب حقيقية متعددة الاطراف، وليست هناك رؤية واضحة لاهداف الاطراف المتصارعة. وطالما كان الامر كذلك، فليس بمقدور احد التبؤ بما يمكن ان يكون خلال اية فترة زمنية.
ولكن تصريح رئيس الوزراء مردود ايضا بوعوده الانتخابية. فكيف يخوض انتخابات تحت شعار توفير الامن للمواطنين ثم يصرح بعجزه عن ذلك خلال فترته التي لن تمتد اكثر بضعة اشهر. ان مثل هذا التصريح كفيل باسقاط الحكومة، لو لم يكن البرلمان حليفا له. وكل ما يمكن ان نستنتجه، ان الدكتور الجعفري يفكر في التمديد، اولا لكتابة الدستور بحجة عدم موائمة الظروف الامنية، وثانيا لبقائه في المنصب لحين تحقيق هذا الانجاز.
لقد حققت قائمة الائتلاف التي ينتمي اليها الجعفري فوزا ساحقا في الانتخابات الاخيرة، ومهدت الطريق اليه لتولي شؤون البلد. وكانت حملتها الانتخابية تركز على ضمان كتابة الدستور ضمن الوقت المحدد، والمسؤولية التاريخية التي تتحملها تلك القائمة والدكتور الجعفري هو ان تفي بوعودها. خصوصا بعد كل ما حصل من تأخير، سواء بقصد او بغير قصد، في انعقاد الجمعية، وتشكيل الحكومة، واخيرا تشكيل اللجنة الدستورية.
وليس بمستغرب ان يظهر البعض امتعاضه من اداء الحكومة الحالية، التي لا يجيد رئيسها سوى الكلام المنمق في المنابر الدولية. فعلى الارض لا يحدث تقدم في اي صعيد، سواء الامني او السياسي او الاقتصادي او الاجتماعي او غيرها. وعجز الحكومة قد يُعزى جزئيا الى شراسة المعركة مع الارهاب، ولكن ذلك هو ما كان عليها ان تتوقعه اصلا. فالخلل الامني هو الذي دفع الناس للذهاب الى صنايق الاقتراع، متحدين الموت والتفجير، املا في حكومة تغير وضعهم.
ولكن للاسف، لم تسفر تلك الانتخابات البطولية الا عن اضفاء صفة الشرعية الى السلطة، دون ان تتمكن تلك السلطة من استخدام موارها بالشكل الذي يسهل حياة المواطن، او يوفر له ابسط شروط الحياة الكريمة: الامن. كما اننا لا نجدها تسعى بشكل جدي لمثل هذه الغاية. وعملية البرق اكبر مصداق على ذلك، ففي حين يصرح المسؤولون عن نجاحات باهرة، نجد ان مستوى العمليات المسلحة لم يتغير سواء في بغداد او في المحافظات الاخرى.
لكن الجعفري مع ذلك يصرح بان تلك العمليات بدأت تتقلص واصبحت اقل من السابق. فكيف نصدق ذلك؟ وها هم المسلحين يجوبون ارجاء بغداد ويصطادون مسؤولين حكوميين ورجال دين ورجال امن وصحفيين وحتى اناس عاديين لا حول لهم ولا قوة. وهذه المسرحية اليومية من السيارات المفخخة والانتحاريين تفرض نفسها على نشرات الاخبار بحث اصبحت تذاع في اخر النشرة لكونها (عادية). واذا احتجت حكومة الجعفري انها لا تملك وقتا كافيا، فعليها ان تفعل ما فعلت حكومة علاوي من قبل، بالالتزام بقانون ادارة الدولة، وتسهيل كتابة الدستور والاستفتاء عليه ضمن الاطر الزمنية المحددة.. وحذار من اية محاول للتمديد.