Monday, November 24, 2003

قرار صائب

لعل اكثر الاسئلة الحاحا التي تطرح في هذه الايام، وقد تكون اصعبها في الاجابة، تلك المتعلقة بحملة الاعمار المنتظرة، ولماذا لا تبدأ رغم مضي ستة اشهر على سقوط النظام المقبور.. وستجد الكثير من المشاريع التي يتحدث عنها المواطنون في الدوائر والبيوت والمساجد والمقاهي وكلها جديرة بالمناقشة واخذها بعين الاعتبار.. ولكن المؤسف ان هذه الاحاديث لا تجد لها اذنا صاغية، ولا تبدر اية اشارة تنبيء بان تلك الحملة ستكون في تاريخ معين قريب او بعيد.
والحق ان الاجابة المعتادة بان حملة الاعمار مرتبطة باستقرار الوضع الامني لم تعد تقنع الكثيرين، خصوصا وان هناك تدهورا ملحوظا في الحالة الامنية نتيجة التدخل الخارجي على ما يبدو.
فاذا قدر للهجمات الارهابية ان تستمر لفترة طويلة -كما تتوقع لها سلطات التحالف- فان ما يمكن ان يتحقق من اصلاح البنية التحتية واطلاق لمشاريع الكبرى ودفع عجلة التقدم نحو الامام، كل ذلك لا يعدو ان يكون امنيات تعود الشعب العراقي عليها خلال عقود من الزمن.
واذا كانت تلك الهجمات تأول عادة بمحاولة عرقلة مسيرة الديمقراطية في العراق، فالاولى ان لا يسمح لها بتحقيق مآربها، بل على العكس من ذلك.. اذ ينبغي الاسراع بالعمل الجدي في بناء عراق ديمقراطي متوافق مع عراق متقدم تقنيا.. وليس بالضرورة الاعتماد في ذلك على الخبرات الاجننية، طالما كانت هذه الخبرات تخشى المغامرة، فلدى العراقيين الكفاءة والمقدرة والثروات التي تمكنهم من بناء بلدهم كما ينبغي له ان يكون.
فيا اولي الامر في مجلس الحكم.. بادروا الى اتخاذ قراركم واتخذوا الامور على عاتقكم.. فلقد قيل قديما (ما حك جلدك مثل ظفرك) وكان هذا القول دائما صائبا.

Monday, November 10, 2003

يوم التفجير!!

اعتبارا من منتصف نهار احد ايام شهر اب عام 1998 وحتى حلول المساء، خلت الشوارع في معظم المدن العراقية من المارة والسيارات، واغلقت المحال التجارية ابوابها، وبدت هذه المدن كأنها مدن اشباح.. والسبب كان (كسوف الشمس). بينما كانت تقام -في نفس الوقت- احتفالات في اماكن اخرى من العالم لهذا الحدث الذي قد لا يتكرر في حياة المرء.
ولكن السبب الحقيقي في الرعب الذي اصاب الناس ودفعهم الى ملازمة دورهم كان الاشاعات الموجهة التي بثت بشكل منظم ومتعمد واقنعت اغلب الناس ان مجرد النظر الى قرص الشمس اثناء الكسوف يؤدي الى العمى.. ولا احد يتحدث عن الوقاية من الرؤية المباشرة بالنظارات الخاصة او الواح التصوير السالبة او غيرها من الوسائل التي تحمي العين وتسمح بالتمتع بمشاهدة آية كونية فريدة.
والذي دفعني اليوم لتذكر هذه الحادثة، تلك الاشاعة التي راجت قبل ايام حول (يوم التفجير) او (يوم المقاومة) والتي تجد كل شخص يتحدث عنها وكأنها امر محتوم، بل تناقلته القنوات الفضائيات العربية بصيغة الخبر المؤكد، دون الالتفات الى حقيقة بسيطة.. ان من يريد تنفيذ عملية ما فان اول ما يرغب فيه هو مفاجأة الهدف.. وليس تنبيهه!!
نعم ان الاشاعة كانت سلاحا بيد النظام المقبور، ولازالت سلاحا بيد اذنابه.. واذا سمحنا لها ان تستشري دون إعمال الفكر وامعان النظر فاننا بلاشك ننفذ لهم مأربهم في ترويع الاهالي وتأخير عجلة البناء والتقدم.. فحذار ايها الشعب المبتلى.. حذار من الاشاعات ومن مروجيها فانها الوسيلة الاكثر تدميرا.

Monday, November 03, 2003

انتحاري.. ارهابي

لا ادري ما الذي يدفع الانتحاري الى ان يفجر نفسه في سيارة مفخخة مؤديا بذلك الى هلاك العديد من الاشخاص الابرياء وتخريب الممتلكات.. لا ادري كيف يسعى بعض الناس الى فرض منطقهم على الباقين باي وسيلة.. وهل تأمل هذا النفر الضال بمآثر السلف الصالح؟
لقد خرج الامام الحسين عليه السلام ثائرا في ثلة من اصحابه، وهو يأمل ان يلقى تأييد من ارسل اليه طالبا النجدة.. ولكنه خـُذل حين التقى الجمعان في وادي الطف، فهل كان الحسين انتحاريا؟ كلا.. لقد قال للجيش العرمرم الذي اعد للقائه: (ان كرهتموني فدعوني..) ولو فعلوا لما كانت كربلاء..
ولا يذكر التاريخ -كما اعلم- واقعة لاناس القوا انفسهم في التهلكة بداعي الحفاظ على الدين.. خاصة مع مبدأ (التقية) الذي يعتقد بوجوبه معظم المسلمين وان اختلفوا في التسمية. ذلك لان النفس الانسانية عزيزة ولا يجوز هدرها، والمجال الوحيد للتضحية بالنفس هي ساحة الوغى دفاعا عن الدين او الوطن او العرض او الكرامة..
وهكذا فان الانتحاري ليس مجاهدا.. وان زين له ذلك من يدفعه لمثل هذه الاعمال الخبيثة، ولا يقدم خدمة لدينه، بل يضره افدح الضرر.. كما انه ليس وطنيا، حيث لا يقتل المرء مواطنيه مهما كانت الاسباب.. فماذا تبقى غير لفظ الارهابي وصفا له؟ انه بالتأكيد الوصف المناسب لاناس يرفضون التسليم بحقيقة انهم لا يستطيعون اقناع الاخرين الا باجبارهم بالقوة على الاستماع لهم.. وليست تلك بالتأكيد الطريقة المثلى‍.