Sunday, November 21, 2004

البدر العاصي

إلى امّ شهيدٍ وقد جفت مآقيها، والى ابيه وقد قدم قربانه مرغما، والى اخوته واصدقائه وقد اصابهم الذهول، مرة اخرى. غدا يقام النصب، الذي نسي تشييده نارام سن، وكتب بدلا عنه قانونه الاول. اما اليوم فلنـُقم فاتحة اخرى.
عاد البدر هلالا قبل دورة الفلك العاصي، ثم امحقت ليالي العراق
العراق نافذة ضيقة للحزن ادمعت العين
العين درّت دمعا بلون نزيف اطفال العراق، في اطرافهم غدر وفي عيونهم براءة
براءة من الذين كبّروا حين سلوا السيف بوجه اعزل
اعزل انت ايها العراق منذ السقوط، والسحل في الشوارع
الشوارع تكتب قصة اخرى نسيتها شهرزاد.. ونام شهريار
شهريار قرأ التعويذة فبكت الجواري وبعض العبيد وغاب السيد
السيد يأمر بالصبر انتظارا لحدث قادم.. في عام آخر
آخر الدورة الابقة عاد الحزن بدون مؤاساة في ليالي العراق السرمدية يتسمع انات ثكالى من العهد القديم
القديم يأتي جديدا، كلما عاد العيد
العيد عاد، كما عاد البدر هلالا عاصيا
عاصيا جلس على الرصيف وضم رأسه الى رجليه فزعا
فزعا ليالي العراق تنز دما وتشتعل لهيبا
لهيبا يحرق بترولك ايها العراق، فتعود اسيرا
اسيرا سمع التكبير غير انه حُرم التشهد
اشهد الا اله الا الذي امن به السلف الصالح
صالح ما يحدث دائما، فيهِ صالح
صالح انت ايها العراق رغم العيد الابق، ورغم الدمع القرمزي والحزام الناسف

Monday, November 08, 2004

رحل زايد.. صاحب المبادرة الوحيدة لانقاذ الشعب العراقي

مساء الثلاثاء، الثاني من تشرين الثاني، فجعت الامة العربية بوفاة احد رموزها في العصر الحديث.. رجل استطاع بناء دولة من مجموعة امارات متفرقة، وبناء اقتصاد متين لا يعتمد على النفط كمورد اول، رغم ان كل ما كانت تمتلكه بلاده بداية هو النفط.. هذا الرجل لم ينصب نفسه صنما ولم يطلب جزاءا من شعبه كما جرت عادة القادة العرب الذين اذا تمكنوا من فعل الشيء القليل لشعوبهم فانهم يقيمون الدنيا ولا يقعدوها، ويحتفلون بذلك الانجاز سنويا بنصب من اضعاف الاحجام. زايد بن سلطان ال نهيان، اسم الفته الاذن العربية، ليس كحاكم فقط، وانما كعنصر رائد في رسم مسيرة التطور العربي، اذا كان لها ان تبدأ يوما.. ففي دولة صحراوية لم تتوفر على نخلة واحدة قبل ربع قرن، اصبح تعداد النخيل فيها اليوم يبلغ عشرات الملايين. وهذا يعني ان ليس العمران فقط هو ما يسجل نهضة الامارات.. انه العزيمة على تحدي حتى الظروف المناخية القاسية.. بينما كان قادة اخرون يتلهون بملئ ترسانتهم من السلاح، وبالقاء الخطب العصماء بمناسبة وبدون مناسبة، وباقامة التماثيل لتبجيلهم، والصروح والقصور لتكريسها معابد لشخوصهم. زايد اوتي من الحكمة والشجاعة ما يجعله يفكر في شعب العراق، اكثر مما فعلت قيادته، واكثر من أي قائد عربي اخر.. زايد اعلن مبادرة يذكرها العراقيون بكل اسف، فماذا كان سيكون الحال لو ان صدام حسين اصغى لتلك المبادرة؟ رفض صدام ترك السلطة طواعية، وكل ما كان يفصله عن ازاحته عنها خمسة او ستة اسابيع.. مخلفا نهرا من الدماء بدأ يوم 21 اذار 2003 ولا يعلم الا الله متى سيكون جفافه.
وفيما يلي نص المبادرة التي تقدم بها الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان.. ننشرها توخيا للفائدة، وتذكيرا بجهد خير ندر ان يبدر عن غير الاصلاء، المحبين لامتهم واقعا وليس شعارا.. فرحم الله زايدا والهم قيادة وشعب الامارات الشقيقة الصبر والسلوان، وانا لله وانا اليه راجعون.
شرم الشيخ/ 1 اذار 2003 / وام
صاحب الجلالة الأخ الشيخ حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة حفظه الله ملك مملكة البحرين رئيس القمة العربية، أصحاب الجلالة والسمو والفخامة، ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة. تتسارع التطورات، ومعها تعظم المخاطر التي تحدق بالأمة العربية والعالم بسبب ما وصلت إليه الأزمة في العراق، والتي تستفحل في كل يوم، بل كل ساعة، منذرة بأسوأ النتائج وأفدح الأخطار ليس على العراق وشعبه الشقيق فحسب، بل علينا جميعا وعلى العالم بشكل عام.ولعل انعقاد القمة العربية اليوم يوفر فسحة من الأمل لقادة الأمة العربية، لأن يسهموا في بلورة مخرج من هذه الأزمة المعقدة والخطيرة، يحفظ للعراق وحدته الإقليمية ويقي شعبه مزيدا من الدمار والخراب والخسائر، وينزع فتيل حرب ضروس ستؤدي دون ريب إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة والعالم بأسره. ومن منطلق التزامنا الثابت بوحدة العراق، وبكل ما فيه الخير لشعبه الشقيق على المدى البعيد، ولقناعتنا بأن يكون لقادة الأمة العربية دور رئيسي فيما يمكن أن يرقى إلى اجتراح معجزة التوصل إلى تسوية سلمية للخطر الداهم، وإدراكا منا لكل الظروف المحيطة بالأزمة وأبعادها المحلية والإقليمية والدولية، ولكل التعقيدات التي تكتنفها وإلى امتداداتها المتشعبة، فقد ارتأينا أن نتوجه إليكم إخواني الأعزاء، واضعين اأمام أنظاركم بعض الأفكار والتصورات التي نرى أنها قد تساهم فيما نتمناه جميعا، وما نحرص عليه كلنا، من حماية للعراق وضمان لمستقبله ووحدة أراضيه واستقلاله وسيادته، ومن تجنيب المنطقة التداعيات التي قد تترتب على ما نراه من استعدادات وحشود وتجهيزات لعمل عسكري يصعب التكهن بما سيسفر عنه من معطيات على الأرض. إخواني أصحاب الجلالة والسمو والفخامة، إنني أدعو لأن تعلن القمة العربية مبادرة تتركز في النقاط الرئيسية التالية:
أولا: أن تقرر القيادة العراقية التخلي عن السلطة وتغادر العراق على أن تتمتع بكل المزايا المناسبة، وذلك في غضون أسبوعين من تاريخ القبول بالمبادرة العربية.
ثانيا: تقديم ضمانات قانونية ملزمة محليا ودوليا للقيادة العراقية بعدم التعرض لها أو ملاحقتها بأية صورة من الصور.
ثالثا: إصدار عفو عام وشامل عن كل العراقيين داخل العراق وخارجه.
رابعا: تتولى جامعة الدول العربية، بالتعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة الإشراف على الوضع في العراق لفترة انتقالية يصار خلالها إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات من أجل عودة الأمور إلى حالتها الطبيعية وفق ما يرتأيه الشعب العراقي الشقيق. إخواني أصحاب الجلالة والسمو والفخامة. ومن واقع مسؤوليتنا أمام الله وأمام شعوبنا، فإن لنا وطيد الأمل أن تحظى هذه الأفكار بعنايتكم واهتمامكم، والله من وراء القصد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زايد بن سلطان آل نهيان
رئيس دولة الامارات العربية المتحدة

Monday, November 01, 2004

الانتخاب واجب وطني

تناقلت وسائل الاعلام خبرا مفاده ان احد وكلاء سماحة اية الله العظمى السيد السيستاني وقف خطيبا في ضريح الامام الحسين (ع) في صلاة الجمعة وقال للمصلين ان الاشتراك في الانتخابات هو تكليف شرعي، وان المخالف يدخل جهنم. وبعد ايام انبرى وكيل اخر الى نفي مثل هذا التصريح غير انه شدد على ان المشاركة في الانتخابات هو امر واجب.
واذا لم تكن وسائل الاعلام تختلق مثل هذه الاخبار، وهو احتمال ضعيف بسبب تواتر الخبر، فاننا نواجه مشكلة حقيقية في التصريح باسم السيد السيستاني. اذ لم نسمع يوما تهديدا ورد في اي من فتاوى سماحته بدخول جهنم او اي شكل من اشكال العقاب الالهي، في امور تخص الدين حصرا، فكيف يرد مثل هذا التهديد في امور دنيوية مثل الانتخابات؟ وحتى على اعتبار الانتخابات امر واجب، فلماذا يكون واجبا شرعيا؟ هل اقيم الدليل الشرعي على ذلك؟ وهل يكون اتباع المذاهب الاخرى في حل من هذا الواجب، ناهيك عن الاديان الاخرى؟
نعم.. انها لفتة حكيمة من سماحة السيد السيستاني بالاهتمام بموضوع حيوي ويتعلق بمستقبل العراق، وهو موضوع الانتخابات.. والكل يعلم ان ليس لرجال الدين الاجلاء اية رغبة في خوض تلك الانتخابات، لا كأفراد ولا كتجمعات سياسية.. بل ان وظيفتهم التي حددها لهم سماحته تنحصر في الوعظ والارشاد.. وما احوج الشعب العراقي عموما الى مثل هذا الوعظ في ظرف مثل الظرف الراهن تعددت فيه التوجهات والايديولوجيات حتى بات من الصعب على المواطن العادي تلمس طريقه.
غير ان هذا الاهتمام من لدن سماحة المرجع الديني الاعلى يجب ان لا يفسر على انه امر بالتكليف الشرعي، وبالتالي امضاء افعال اناس اخرين مهما تكن درجة صوابها. فالمفوضية العليا للانتخابات، والحكومة المؤقتة، والاحزب السياسية القائمة، والامم المتحدة، اضافة الى القوة متعددة الجنسيات، وغيرها هي اطراف مشتركة في العملية وبالتالي فليس من المضمون لحد الان غياب الاملاءات والاسقاطات والمماطلات والالاعيب السياسية، مما يصب في خدمة جهة على حساب اخرى.. وربما كان افضل حكم على مثل هذه الافعال يأتي من الناخب العادي، غير الموجه مسبقا والمحسوب على توجه ما او تيار او حزب او.. وهؤلاء الناخبين العاديين هم كما يعلم الجميع الاغلبية السائدة في الساحة العراقية اليوم، والذين لا ينبغي لهم ان يوجهوا الى كيفية المشاركة والتصويت.. بل الى ضرورة تلك المشاركة كواجب وطني.
وعلى هذا، فان توجيهات مرجعنا المفدى، نبراس حكمة علينا ان نستضيء بها، وعلينا في الوقت نفسه ان نتوجه الى ذواتنا في الحكم على مجمل العملية الانتخابية والتي ستثمر عن مجلس وطني، وفيما بعد حكومة انتقالية نريد لها ان تكون ذات صفة شرعية كاملة، وكذلك ذات صفة تمثيلية وان تحتوي على افضل الكفاءات لتستطيع ان تقدم افضل ما يمكن.