Monday, November 01, 2004

الانتخاب واجب وطني

تناقلت وسائل الاعلام خبرا مفاده ان احد وكلاء سماحة اية الله العظمى السيد السيستاني وقف خطيبا في ضريح الامام الحسين (ع) في صلاة الجمعة وقال للمصلين ان الاشتراك في الانتخابات هو تكليف شرعي، وان المخالف يدخل جهنم. وبعد ايام انبرى وكيل اخر الى نفي مثل هذا التصريح غير انه شدد على ان المشاركة في الانتخابات هو امر واجب.
واذا لم تكن وسائل الاعلام تختلق مثل هذه الاخبار، وهو احتمال ضعيف بسبب تواتر الخبر، فاننا نواجه مشكلة حقيقية في التصريح باسم السيد السيستاني. اذ لم نسمع يوما تهديدا ورد في اي من فتاوى سماحته بدخول جهنم او اي شكل من اشكال العقاب الالهي، في امور تخص الدين حصرا، فكيف يرد مثل هذا التهديد في امور دنيوية مثل الانتخابات؟ وحتى على اعتبار الانتخابات امر واجب، فلماذا يكون واجبا شرعيا؟ هل اقيم الدليل الشرعي على ذلك؟ وهل يكون اتباع المذاهب الاخرى في حل من هذا الواجب، ناهيك عن الاديان الاخرى؟
نعم.. انها لفتة حكيمة من سماحة السيد السيستاني بالاهتمام بموضوع حيوي ويتعلق بمستقبل العراق، وهو موضوع الانتخابات.. والكل يعلم ان ليس لرجال الدين الاجلاء اية رغبة في خوض تلك الانتخابات، لا كأفراد ولا كتجمعات سياسية.. بل ان وظيفتهم التي حددها لهم سماحته تنحصر في الوعظ والارشاد.. وما احوج الشعب العراقي عموما الى مثل هذا الوعظ في ظرف مثل الظرف الراهن تعددت فيه التوجهات والايديولوجيات حتى بات من الصعب على المواطن العادي تلمس طريقه.
غير ان هذا الاهتمام من لدن سماحة المرجع الديني الاعلى يجب ان لا يفسر على انه امر بالتكليف الشرعي، وبالتالي امضاء افعال اناس اخرين مهما تكن درجة صوابها. فالمفوضية العليا للانتخابات، والحكومة المؤقتة، والاحزب السياسية القائمة، والامم المتحدة، اضافة الى القوة متعددة الجنسيات، وغيرها هي اطراف مشتركة في العملية وبالتالي فليس من المضمون لحد الان غياب الاملاءات والاسقاطات والمماطلات والالاعيب السياسية، مما يصب في خدمة جهة على حساب اخرى.. وربما كان افضل حكم على مثل هذه الافعال يأتي من الناخب العادي، غير الموجه مسبقا والمحسوب على توجه ما او تيار او حزب او.. وهؤلاء الناخبين العاديين هم كما يعلم الجميع الاغلبية السائدة في الساحة العراقية اليوم، والذين لا ينبغي لهم ان يوجهوا الى كيفية المشاركة والتصويت.. بل الى ضرورة تلك المشاركة كواجب وطني.
وعلى هذا، فان توجيهات مرجعنا المفدى، نبراس حكمة علينا ان نستضيء بها، وعلينا في الوقت نفسه ان نتوجه الى ذواتنا في الحكم على مجمل العملية الانتخابية والتي ستثمر عن مجلس وطني، وفيما بعد حكومة انتقالية نريد لها ان تكون ذات صفة شرعية كاملة، وكذلك ذات صفة تمثيلية وان تحتوي على افضل الكفاءات لتستطيع ان تقدم افضل ما يمكن.