Monday, September 01, 2003

مقارنة عقيمة

بين الحين والاخر يطالعنا بعضهم بمقولة (لم يتغير شيء.. صدام لازال موجودا). ولاشك ان الكثير من السلبيات التي كانت موجودة في العهد البائد، لازالت موجودة. فالكهرباء والماء الصافي والمجاري والوقود والخدمات البلدية والبطالة المستشرية بين الشباب هي بحق مشكلات مهمة وتمس حياة المواطنين، خاصة اذا اضيف اليها عنصر الامن.. ولن يكون الاحتجاج بان هذه السلبيات كانت موجودة او لها اساس في النظام السابق مقنعا للكثيرين، لانهم يعتقدون انه لم تكن هناك مشاكل حقيقية، وانما كانت مفتعلة لازعاج المواطنين وشغلهم عن ممارسة دورهم الوطني في التصدي للدكتاتورية.. وفي هذا ايضا كثير من الصحة، ولكن ليس الحقيقة كلها.
لقد عمد النظام الصدامي الى اهمال كافة مرافق الحياة بشكل خطير، غير انه كان يمسك مفاتيح الامور، ويستطيع احداث بعض التحسين ان شاء. وقد لعب لعبته هذه للضغط على دول العالم من اجل رفع العقوبات المفروضة عليه، ليتسنى له رفد ترسانته العسكرية على حساب معاناة الشعب العراقي. فان اضيف الى ذلك ما يصيب المنشآت الحيوية من اضرار جسيمة نتيجة اعمال التخريب والنهب التي يقوم بها اذناب هذا النظام المقبور كانت الحصيلة وضع غاية في الصعوبة، يحير القائمين على صيانة واصلاح هذه المنشآت.
ان المقارنة بين فترة حكم صدام وزبانيته وبين الفترة التي تلتها، انما هي مقارنة عقيمة، فليست اربعة شهور كمثل خمس وثلاثين عاما، وليست الحرية والديمقراطية كالتعسف والاستبداد والحكم الفردي، وليست المساواة واتاحة الفرص للجميع كالتفرقة والعنصرية والتمييز الطائفي.. لقد كانت هناك مشاكل قبلا ولازالت هذه المشاكل موجودة الان.. والفارق ان الشعب كان يائسا وليس له دور في حلها.. واليوم فان الكثير من ابناء هذا الوطن يحدوهم الامل لبناء حضارة متميزة في المنطقة وليس فقط حل مشكلات آنية وان كانت اساسية.. وهم يفخرون بانهم يشاركون في هذا العمل الشاق الدؤوب.