Wednesday, February 22, 2006

سيناريوهات بديلة لرئاسة الحكومة العراقية

اثار الجدل داخل قائمة الائتلاف العراقي الموحد حول تسمية المرشح لمنصب رئيس الوزراء جدلا خارجه ايضا. ففي الوقت الذي رجحت الترشيحات باتجاه الدكتور عادل عبد المهدي على اساس التوافق، قام الائتلاف باختيار الدكتور الجعفري اخيرا بطريق الانتخاب الذي صرح الجميع انه غير مستحب، وانه "قد يؤدي الى تفكك الائتلاف" على حد تعبير بعضهم.
والجدل الذي بدأ يتزايد خارج الائتلاف، بعد ان حسم الائتلاف امره، يدور فيما اذا كان الدكتور الجعفري قادرا على المرور من فلتر مجلس النواب، والحصول على الاغلبية المطلقة المطلوبة لاعادة تكليفه رئيسا للوزراء. وغير خافٍ ان الاغلبية المطلقة هي اغلبية جميع النواب بغض النظر عن من يحضر، اي نصف عدد المقاعد الكلي زائد واحد (138 صوت). وبما ان ايا من القوائم لم تستطع الحصول على هذه الاغلبية، فلابد من عقد صفقات او تحالفات بين القوائم لضمان مرور سلس للحكومة المقبلة امام البرلمان.
ويمكن تقسيم تشكيل الحكومة، حسب الدستور، الى ثلاثة مراحل: اولها انتخاب رئيس مجلس النواب ونوابه، وذلك في اول جلسة تعقد لهذا المجلس والتي يجب ان لا تتاخر اكثر من 15 يوما من تاريخ المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات. ثم يقوم المجلس باختيار مجلسا للرئاسة على اساس اغلبية الثلثين، او التنافس بين اعلى مرشحين ان لم يحصل احد على هذه الاغلبية. وبعد ذلك يقوم مجلس الرئاسة بتسمية رئيس الوزراء الذي عليه تشكيل الحكومة خلال فترة لا تتجاوز الشهر وتعرض على البرلمان للموافقة عليها وعلى برنامجها الوزاري.
وعلى هذا الاساس، فمن الممكن ان تنجز كل من هذه المراحل، نظريا، بدون الحاجة الى عقد اتفاقية مع قائمة الائتلاف، طالما كان بالامكان تشكيل كتلة من جميع الاحزاب والقوائم الاخرى، والتي يمكن لها ان تحقق اكثر من 140 صوتا برلمانيا. وبهذه الاغلبية يمكن ان توزع جميع المناصب العليا بدون الرجوع الى قائمة الائتلاف، وتحويل تلك القائمة ذات المقاعد الـ 128 الى معارضة برلمانية لا يشق لها غبار.
ان مثل هذا السيناريو يطرح بدائل عدة، لا يبدو ان ايا منها له حظ كبير، ولكن نذكرها فقط للمقارنة ومحاولة استشراف ما قد تتمخض عنه الايام القادمة. من هذه البدائل ان تمنح الرئاسة الى جبهة التوافق (طارق الهاشمي)، ورئاسة الوزراء الى التحالف الكردستاني (برهم صالح) ورئاسة البرلمان الى الائتلاف (عادل عبد المهدي، شيخ همام حمودي،...). وفي هذه الحالة يحرم الرئيس الحالي جلال الطالباني من اعادة ترشيحه لدورة ثانية، فاذا اخذ بنظر الاعتبار ان منافسه مسعود برزاني هو حاكم اقليم كردستان لاربع سنوات، فسيبقى الطالباني بدون منصب، او عليه ان يقنع بمنصب نائب الرئيس، وهذا امر مستبعد.
البديل الاخر يكون باختيار الجعفري رئيسا، والطالباني رئيسا للوزراء، والهاشمي رئيسا لمجلس النواب. وهذا الاحتمال يعيد الكرة الى ملعب الائتلاف. فالترشيحات السابقة بنيت على اساس رئاسة الوزراء، المنصب الاكثر نفوذا ضمن النظام الحالي، واذا لم يكن ممكنا الحصول على هذا المنصب للائتلاف، فلن يكون التعويض برئاسة الجمهورية كافيا على الارجح. ان هذه البدائل لم تأخذ موقف القائمة العراقية ومدى تأثيرها في تشكيل تلك الكتلة البرلمانية التي يمكن لها ان تواجه الائتلاف. واذا طرحت هذه القائمة رئيسها الدكتور اياد علاوي مرشحا لرئاسة الوزراء، فسوف لن يتم ذلك الا على حساب حرمان احدى القوائم الثلاث الرئيسة من اي منصب عالٍ. ويبدو من تصريحات صحفية صدرت مؤخرا ان جبهة التوافق تفضل الدكتور علاوي لرئاسة الحكومة، وبالتالي قد تتنازل عن المطالبة بهذه المناصب العليا. وعلى هذا يكون الطالباني رئيسا، والجعفري (او مرشح اخر من الائتلاف) رئيسا للبرلمان.
ان حسم مسألة رئاسة الحكومة قد تتطلب بعض الوقت، لكنها متعلقة كليا باتفاق توزيع المناصب، وتؤثر بشكل عام على توزيع الحقائب الوزراية والمناصب الساندة (نواب رئيس الجمهورية والبرلمان والحكومة)، والوزارات (السيادية). ومهما يكن السيناريو المحتمل، فكلنا أمل ان نتائجه سوف تكون مقبولة لدى الاخرين طالما تمت في ظروف ديمقراطية وتحت سقف البرلمان.