Monday, December 01, 2003

مقاومة واحتلال

لعل من الامور المستعصية ايجاد تفسير محدد لمعنى المقاومة.. كما يعد مفهوم الاحتلال مفهوما غامضا في حالة العراق خصوصا. والحقيقة ان هذه الكلمات هي كلمات مطاطة تحتمل الكثير من المعاني.
واذا عدنا بالتاريخ الى الوراء نستطيع ان نحدد ثلاثة مفاهيم للاحتلال. فعندما هاجم هتلر بولندا بحجة انها ضمن المجال الحيوي لالمانيا فهذا احتلال واضح بغية الضم.. وحينما احتل هتلر فرنسا واستعبد فلاحيها وعمالها لادامة زخم معارك الحرب العالمية الثانية، فهذا مفهوم اخر للاحتلال يعتمد على استعمار المناطق المحتلة. ولكن ماذا يقال عن حالة احتلال المانيا من قبل جيوش الحلفاء للقضاء على النظام النازي وبناء دولة ديمقراطية لن تكون تهديدا للامن والسلم العالميين بعد ذلك؟
وعليه فقد بقيت صور المقاومة البولندية والفرنسية مشرقة عبر صفحات التاريخ الحديث واصبحت مثلا يحتذى به.. بينما لايكاد يوجد ذكر للعمليات التي قامت بها الفلول النازية بعد سقوط نظام هتلر والتي استمرت قرابة ثلاثة اعوام.. لقد نسيها التاريخ لانها لم تكن الا اعمالا يائسة لاناس فقدوا موقعهم وقوتهم.
وما يقال عن النظام النازي يمكن ان يعد مثالا نموذجيا للنظام الصدامي الذي مارس نفس الاساليب في حروبه وبحجج مماثلة تقريبا، بينما كان تحرير العراق مماثلا لتحرير المانيا.. ومثلما اصبحت المانيا اليوم قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية كبرى، فان العراق في قابل الايام سيكون له مثل هذه القدرة، ذلك انه يحمل مقومات الرقي الحضاري التي تجعله مؤهلا لان يكون بؤرة اشعاع في المنطقة والعالم.
وهكذا فان تسمية اعمال العنف التي تجري حاليا بـ(المقاومة) هو من باب اطلاق القول على عواهنه.. وان الاحرى بنا ان نعمل من اجل استقرار هذا البلد المنهك من الحروب والويلات عبر عهود طويلة.. بدلا من اهدار الفرص تحت مسميات لن يذكرها التاريخ الا كاحداث عرضية عرقلت مسيرة العراق الناهض.