Sunday, May 11, 2003

الديمقراطية.. الامل والعمل

ها قد تحققت للشعب العراقي حريته، بعد ان اخذ اليأس من التحرر مأخذه في قلوب البعض، وبعد ان عانى الكثيرون من ابناء الشعب من ويلات النظام البعثي المتسلط، ومن جوره وظلمه اللامحدود، والذي لم يشهد له العصر الحديث مثيلا.
نعم لقد تحققت الحرية في غفلة من الزمن، لم يكن يتوقعها اغلب المتتبعين قبل اشهر قليلة فقط، فكانت مفاجأة، سارة بكل تأكيد، حملت معها اشكال الفرح الشعبي، ولكنها مع الاسف حملت بعض اشكال الفوضى ايضا، وكأن هذه الفوضى هي رد الفعل الغريزي على سنوات الكبت والحرمان التي مرت على الشعب العراقي.
والسؤال الذي يلح الان: الى متى تستمر هذه الفوضى، وهل خرجت الان عن دائرة رد الفعل الى الفعل المنظم؟ الحقيقة ان الجواب على هذه التساؤلات غير يسير. فمن جهة ان اعمال السلب والنهب التي حدثت (والتي لا زالت تحدث) لم يقم بها الا اناس ضعاف النفوس، او انهم من اتباع النظام السابق لتأكيد الحاجة اليهم، او اناس نفسوا عن كبتهم بطريقة يشعرون فيها بالحرية المفقودة.
ومن جهة اخرى، قد لا تخلو هذه الاحداث من تدخل خارجي، ربما لاسباب تاريخية، او ثأرية.. الخ، وهي جهات لها طريقتها في اثارة البلبلة والفوضى، لاحراج قوات التحالف، وادخال العراق في دوامة من انعدام الامن والاستقرار، وتقليل فرصه في التقدم والازدهار، وبالاخص احلال الديمقراطية بين ربوعه، حيث ان هذه المفردة تثير قلقهم، وتجعلهم يتساءلون هل جاء الدور الينا؟
غير ان امل العراقيين في الديمقراطية لن ينثني بافعال الغوغاء، فهم يعرفون حق المعرفة ما يمكن ان يحدث اذا ما عاد الطغيان، ولن يسمحوا ابدا بحدوث شيء من هذا القبيل، بل انهم ماضون قدما في بناء الاساس القوي لهذه الديمقراطية، في روية ودون استباق للامور، حتى يأتي بناؤها متينا حصينا لا تنال منه مؤامرات الحاقدين والحاسدين.
وهكذا فان الديمقراطية لن تكون مفاجأة تحدث على حين غرة، بل هي هدف نبيل يجب ان نسعى لتحقيقه دون كلل او ملل، ودون ان تفت في عضدنا احباطات تحصل لضرورات مرحلية، بل علينا مغالبة الصعاب من اجل الوصول الى تحقيق الامل المنشود.. ولن يكون ذلك الا بالعمل الجاد المخلص الذي يتحلى بروح الوطنية وليس المنفعة الذاتية، فالديمقراطية امل مشروع للشعب العراقي، وهي مسيرة عمل ليس هينا باي حال، تبدأ من انهاء حالة الفوضى، وتستمر صعودا الى بناء المؤسسات، وصولا الى تحقيق الحرية في كافة مناحي الحياة، واحلال الامن والنظام وسيادة القانون.