Monday, December 27, 2004

مبحث في الانتخابات

مما ورد في اعتراضات فئة من المخالفين الذين اعمى الله بصيرتهم انه لا يوجد دليل شرعي في وجوب الانتخاب وان القول بذلك مبني على الرأي دون التمحص في ما نقل الينا عن الشيخ الحليم. وقد رآيت ان اصنف مبحثا في هذا الشأن للرد على تلك الاعتراضات واخرس الافواه التي ما برحت تتهجم وتدعي لاظهر لهم البينة الساطعة التي لن تدع لهم مجالا للشك ان كان في قلبهم قبس من نور الايمان وفي عقلهم لمحة من الانصاف.
فقد ورد في (كتاب الاسرار) للشيخ الحصيف، ان جماعة كانت في حضرة الشيخ الحليم، فسألوه عن الانتخابات فقال: (عليكم بها فانها المخرج في ساعة الضيق). رواه ابو هبيرة وقال الشيخ الحصيف انه قول حسن.
وفي (ستر المكشوف) للعلامة الشيخ فخر الدين الاشرف فصل عن الانتخابات جمع فيه مائة حديث في المشاركة والترشيح، ومما ورد فيه: قال ابو سامي الياقوتي كان الشيخ الحليم يسير في الاسواق ويقول: عليكم بالترشح والتسجيل في الانتخابات، فقال رجل من العامة: فهل يقبل ترشيحي قال: نعم مادامت فيك الشروط. قال ابو سامي، فمازال الشيخ الحليم ينادي بالناس والناس يسألونه حتى ظننت ان الجميع سيترشحون.
وجاء في (الستر) ايضا ان رجلا منع امرأته من الانتخاب، فبلغ امره الى الشيخ الحليم فقال ائتوني به، فلما جاءه سأله: اتمنع زوجك من الانتخاب، قال نعم يا مولاي، قال: فلم؟ قال خشيت ان تصوت لغريمي. قال الشيخ الحليم، وان يكن، وامره بعدم العودة الى ذلك ابدا. واخرج صفاء المرجين مثل هذا القول غير انه قال ان الشيخ الحليم عزر الرجل بعشرة جلدات، ولم يثبت عندنا.
وجاء في (قدح القادحين) ان حاشية الشيخ الحليم كانت تراقب الانتخابات، وان منهم من يقوم على الصندوق فلا يبارحه حتى ينتهي وقت التصويت، ومنهم من يجلس في باب مركز الاقتراع يسجل المصوتين ويرسل الموقف كل حين الى مولاه. وان الفرز كان يتم بحضرته شخصيا، فان كان متوعكا امر احد التابعين فوقف على الفرز.
ومن اللمحات التي وردت في (القدح) ايضا ان احد المرشحين هدد الناس في منطقته الانتخابية في حالة عدم التصويت له، بانه سيوقع بهم اشد العذاب. فاشتكى احد هؤلاء الى الشيخ الحليم فارسل حاشيته فاعتقلوه والقوه في السجن اياما، ثم امرهم فجاءوا به اليه، فلما مثل الرجل بين يدي الشيخ الحليم اطرق رأسه، قال له: انادم انت على فعلتك، قال: نعم، وان تعف عني لن اعود اليها ما حييت.. قال الشيخ الحليم: بل تحد وتمنع من الترشح ما حييت. وامر بتقييده الى عمود في منطقته الانتخابية وكلما مر به احد يقول: انا نادم ولن اعود لها.
هذا غيض من فيض ومنه يتبين ان الانتخاب والاقتراع والترشيح هو مما تناقلته الثقاة وتواترت به الاخبار مما لا يدع شكا لضان. فان قيل فان الشيخ الحليم (عيّن) الشيخ الفهيم خلفا له، قلنا بل انه انتخبه لذلك، فهو منتخب ايضا وليس معينا. انتهى المبحث.