Monday, December 13, 2004

دعم الانتخابات

تناقلت وسائل الاعلام اتفاق الاحزاب الشيعية على قائمة موحدة يدعمها السيستاني، المرجع الديني الاعلى للشيعة، ستخوض الانتخابات التي ستجرى نهاية كانون ثاني المقبل. والواقع ان مثل هذه الاخبار تشعر المرء براحة نفسية كون عملية الاتفاق بحد ذاتها هي امر سار.
غير ان مسار العملية الديمقراطية، لكي يكون سليما، يجب ان ينقد ويحلل بصبر وبروح وطنية، وليس بالشعور الداخلي فقط. فمن اولى مباديء الديمقراطية، والتي شدد عليها السيستاني نفسه في اكثر من مناسبة، ان تجرى انتخابات حرة ونزيهة تكون بمثابة المخرج الشرعي والقانوني لوضع السلطة بحيث يكون لها مطلق الصلاحية في اعداد الدستور الدائم، والتفاوض حول خروج القوات المتعددة الجنسيات من العراق. كما ان مثل هذه السلطة المنتخبة ديمقراطيا لابد ان تحظى على رضا الشعب، حتى وان اختلفت رؤيا بعض افراده عن توجهات الحكومة، طالما كانت تعمل من اجل الخدمة العامة. وبالتالي تسقط الحجج التي ربما تقوم عليها (المقاومة المسلحة).
اذاً الانتخابات، يجب ان تكون (حرة ونزيهة) اي خالية من اي تأثير خارجي، او ضغط او تهديد او وعيد، او ترغيب مادي او رشوة، او كل ما من شأنه ان يغير في قرار الناخب بدون ارادة ذاتية محضة. ولعل القول بان هذه القائمة او تلك تدعم من قبل الحزب او التيار او الكتلة الفلانية، لا يعد تأثيرا على الناخب بل دعاية انتخابية. فليس هناك ضغوطات نفسية او مادية على الناخب للتصويت لقائمة حزب معين سوى قابلية ذلك الحزب على اقناع هذا الناخب.
بيد ان القول ان تلك القائمة (تدعم) من قبل المرجع الديني ذاته، فالامر مختلف. اذ لا تمثل هذه المرجعية تنظيما حزبيا او سياسيا، او تيارا فكريا وعقائديا، وانما يفترض ان تكون تجسيدا لرعاية ابوية كريمة، وبالتالي فان ما نتوقعه هو ان السيستاني سيدعم جميع القوائم، وليس اياً منها تحديدا. خصوصا مع مكانته في قلوب جميع العراقيين، ليس الشيعة فقط وانما حتى لدى العرب والاكراد السنّة الذين يكنون له اجلّ الاحترام. فان القول بان قائمة ما يدعهما السيد السيستاني سيشكل ضغطا كبيرا على الناخبين ويدفعهم للتصويت لها، فقط لهذا السبب. واذا لم يكن التصويت مبنيا على قناعة الناخب بالمرشحين او الاحزاب التي تشكل القائمة، فاننا نخاطر برفض النتيجة بعد فترة وجيزة، حتى من قبل المصوتين انفسهم، بسبب احساسهم بانهم ضحية لتحايل وان يكن غير مقصود. لقد عمل وكلاء السيد السيستاني، من خلال اللجان الشعبية التي شكلوها، على تسهيل عملية تسجيل الناخبين، وعلى دعم الانتخابات والتعريف بها والحث عليها، وهو مجهود جبار يستحق الثناء والشكر. الا ان الامر -في رأيي- يجب ان يقتصر على هذا الدور.. فالمطلوب هو دعم الانتخابات وليس دعم القوائم