Wednesday, September 15, 2004

استمعوا للمواطنين

يتكلم الناس همسا حينا، وبصوت مرتفع احيانا، عن مظاهر للفساد الاداري في مؤسسات الدولة الناشئة.. تلك المظاهر التي اخذت تتفشى بسرعة خيالية محرقة الاخضر واليابس، ومؤدية الى تذمر واسع بين المواطنين الذين أملوا في تغيير حقيقي يستحق التضحيات التي تقدم بشكل يومي.
ان المواطن العادي يجد الحرية، التي نجمت عن اسقاط النظام السابق، وبالا عليه بدل ان تكون مكسبا. فقيادة السيارات في الشوارع اصبحت (حرة) لا يردعها قانون او نظام، واستغلال الارصفة وحتى اجزاء من الشارع من قبل الباعة المتجولين بات حقا مكتسبا لا يجرؤ احد على منعه، وتعالي بعض الموظفين على المراجعين واستعمال الفاظ مهينة بشكل سافر قلما عرض ذلك الموظف الى المحاسبة ناهيك عن العقاب.
واذا كان العذر في ذلك كله ان (التركة الثقيلة) فاننا نتفق على ذلك، غير اننا ننبه ان وقت الاعتذار قد فات.. فليس القاء التبعات هو ما سيحقق للمواطن طموحاته وامانيه في العيش بكرامة وامن وبرفاهية، ولو باقل قدر منها.. اننا نتوقع جيلا جديدا من المسؤولين الذين عليهم قيادة كوادرهم نحو تلبية مطالب الشعب، وهم الذين عليهم ان يجدوا الوسائل الناجعة لاحداث هذا التغيير الضروري.
وفي حين اننا تحت النظام السابق رغم فساده قد سمعنا عن حالات طرد وسجن وعقوبات اخرى بتهمة الفساد الاداري، فاننا في زمن الحرية لم نسمع عن موظف واحد، او مسؤول واحد، قد عنف او انذر نتيجة تصرف غير لائق او تلقيه الرشوة، رغم ادعات كثيرة بهذا الشأن.. فهل ان شكاوى المواطنين المتكررة هي محض افتراء؟ وحتى على هذا الفرض، فهل اعلن عن التحقيق في قضية ما ليعلم المواطنون ان شكاواهم لا تذهب ادراج الرياح؟
انني اذ اشيد بدور الكثير من الموظفين الحكوميين الذين يضحون بارواحهم من اجل سلامة المواطنين، وواولئك الذين يسهرون الليل في مواساة آلآمهم وعلاجها، وغيرهم من يسير على نهج تقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.. في الوقت الذي احنى هامتي تحية لهؤلاء، اطالب بالاستماع الى المواطنين والتحقيق في دعاواهم حول تصرفات موظفين اخرين، منعا لخلط الغث بالسمين، وخوفا على الصحيحة (تـَجْربُ).