Wednesday, August 25, 2004

القدرة والعجز

هناك خطآن قد يقع في احدهما من يسعى لتحليل السياسة الخارجية الامريكية. الاول افتراض ان اصحاب القرار في الولايات المتحدة يرسمون مسيرة الاحداث بشكل متقن ويحسبون لكل شيء حسابه، وبالتالي فان كل ما يحصل فهو مخطط له مسبقا، او ما اصطلح عليه بـ(نظرية المؤامرة). والخطأ الاخر، ان سياسيي الولايات المتحدة يفتقرون الى الخطة ويتصرفون رهن اللحظة، بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية وسطحيتهم في التعامل مع الاحداث، وانهم انما تحركهم الدوافع الانتخابية لا اكثر.
لكن هؤلاء القادة وغيرهم من اصحاب القرار ليسوا الا بشر، ولا يستطيعون انجاز ما يفوق قدرة البشر الاخرين. من ذلك ما يتردد احيانا ان الولايات المتحدة قد خططت مسبقا لاستدراج (الارهابيين) الى العراق، ومحاولة القضاء عليهم في هذا البلد. فان كان القادة الامريكان يريدون نصب فخ للارهابيين في العراق، وان ذلك هو السبب الحقيقي في غزو العراق واسقاط نظامه، فقد كان الارهابيون تحت بصرهم وسمعهم في افغانستان التي غزوها قبل ذلك، فما الذي تغير؟ وهل تمكنوا من الحصول على انتصار حقيقي عليهم هناك؟
ان استذكار وقائع الحرب في العراق تؤكد ان قرار الحرب كان معدا قبل فترة طويلة، حتى قبل سقوط الابراج في نيويورك، وقبل ذيوع صيت ابن لادن.. قرار الحرب كان رؤية استراتيجية في السياسة الامريكية. واقامة الديمقراطية في العراق، وليس اقتناص الارهابيين، هي الثمرة التي كان من المفترض ان يقدمها الرئيس الامريكي لشعبه وفقا لهذه الرؤية. ان المأزق الامريكي في العراق قد تعدى الحسابات التي اعدت قبل الحرب. وهذا يؤكد ما توصل اليه ابن لادن من قبل: ان الولايات المتحدة قادرة على فعل اشياء مذهلة، غير انها قد تكون عاجزة احيانا. ولسوء الحظ فان هذا العجز قد يكلف سقوط ضحايا ابرياء، كما هو الحال اليوم في العراق.