Sunday, June 13, 2004

القاعدة والاستثناء

خلال العقود الثلاثة الماضية كانت هناك حالات كثيرة سادت فيها استثناءات عن القواعد التي ربما كانت تسنها الدولة او كانت قانونا راسخا او حتى اعرافا اجتماعية جرت العادة على التمسك بها. ولم يعدم المستثني حجة من عصيان او حرب او حصار او حتى (محاربة الامبريالية).
واليوم بعد اكثر من عام على تحرر العراق من قبضة النظام السابق الحديدية نجد ان هذه الاستثناءات قد اصبحت قواعد في مجالات كثيرة ليس اقلها المطالبة بتمييز ذوي شهداء الانتفاضة عن باقي المواطنين، ولا اكثرها استثناءات لجنة اجتثاث البعث، باستخدام ذرائع لا تختلف في جوهرها عن تلك التي كان يستخدمها النظام المباد.
فحجة ان الحاجة الامنية تقتضي تصرفا معينا تستخدم بمناسبة وبدون مناسبة لتبرير الافعال التي تعد شائنة اكثر من مثيلاتها في ظل حكم صدام، تلك التي جعلت طائفة من الناس يعتقدون ان لا تغيير يحدث الا لما هو اسوأ.
وخير مثال على ذلك احاطة معظم الدوائر المهمة ومراكز الشرطة بالمتاريس والحواجز الكونكريتية والاسلاك الشائكة وقطع الطرق المحيطة بها دون الالتفات الى ما يسببه ذلك من زحام شديد ومعاناة للمواطنين الذين عليهم دائما ان يدفعوا ثمن الاستثناء، وهم على يقين انه سيصبح قاعدة بـ(التعود).
نعم.. هناك تهديدات امنية خطيرة، ولكن اخذ المواقع الدفاعية ليس ردا كافيا.. كما ان من الممكن ان يصار الى فتح طرق جديدة تعويضا عن تلك التي قطعت (للضرورة الامنية).. وجعل المتاريس اذا لم يكن منها بد بالحد الذي يسمح بمرور السيارات ولو الضرورية منها على الاقل كسيارات الاسعاف.. حيث ان تنقل هذه السيارات اصبح عسيرا جدا وربما قضي المريض في الطريق الى المستشفى.
ان الوضع الامني غير المستقر يجب ان ينظر اليه كاستثناء، ويجب ان تراجع التحضيرات لمواجهته دوريا بحيث يدرك الجميع، مسؤولين ومواطنين، ان هذه الاجراءات سوف توقف حال زوال التهديد.. هذا هو الوضع في الدول المتحضرة التي نروم ان يكون العراق احدها.