Wednesday, May 12, 2004

الارهاب والعقاب الالهي

يتحدث بعض المثقفين عن (الارهاب) كـ(عقيدة اصولية)، وبالتالي يحاولون ايجاد الاسباب والدوافع التي تبرر الافعال المندرجة تحت تعريفه، وان كان التعريف ذاته محل اختلاف شديد. وليس بخاف ان بعض العقائد الاصولية، التي تحث على (الشهادة) في سبيل الله قد تعتبر دافعا قويا للتضحية بالنفس مقابل الفوز بالنعمة الالهية.
غير ان الارهاب اذا قصد به الاتيان بافعال ذات طبيعة تدميرية واسعة (او محدودة ولكن مستنكرة) باستخدام وسائل غير سليمة، بغض النظر عن الدوافع، فمن الواضح ان ذلك ليس له علاقة بالعقيدة.. بل على العكس يدل على ان الارهاب ليس عقيدة بالمرة، انما هو سلوك فردي، او لجماعات محدودة، ولا يعبر مطلقا عن توجه عقائدي او اصولي.
ان محاولة لاستقراء الجماعات التي توصف بالارهابية في وقتنا الحاضر تنم عن تجمعات صغيرة ومشتتة ومنعزلة في اغلب الاحيان، وان كان لها تأثير كبير بسبب قدرتها على الهجوم في وقت وزمان غير محددين.. وهذه التجمعات لا يمكن ان تعبر عن اية عقيدة او فكر يمكن ان يستخدم ايديولوجيا في اضفاء الشرعية على الارهاب.
ولاريب ان هناك تعاطفا شعبيا مع قضايا المظلومين، ينتج عنه رد فعل جماعي اولي غير متعاطف تجاه المصائب التي تصيب الظالمين.. وهو الامر الذي قد يصور على انه تسويغ لافتعال مصائب تردع الظالمين عن ظلمهم. ولكن الحقيقة عكس ذلك. فالتعاطف الذي يجنية ضحايا الارهاب اخر الامر ينسي القضايا التي يدعو اليها المظلومون، ويحول الانظار عنهم. ان العقاب الالهي عقيدة لاخلاف عليها في كل الاديان، ولكن هناك خط فاصل واضح.. لا يمكن لاحد ان يدعي انه سيف الله المصلت على رؤوس العباد بدعوى انهم ظالمون، ومن كان فعل ذلك في سالف الزمن، ذكره التاريخ كدجال لعين.