Monday, August 11, 2003

نية حسنة

عرضت احدى المحطات التلفزيونية الفضائية العربية مؤخرا وثيقة قالت انها بخط يد الرئيس المخلوع صدام حسين، وانها تحققت من صحتها، يوجه فيها امرا الى كبار مساعديه ابان انتفاضة 1991، باستعمال خدعة لقمع هذه الانتفاضة، وذلك بالقاء بيان مكتوب يهدد سكان المدن الثائرة باستعمال الاسلحة الكيمياوية ضدهم، وبررت الوثيقة هذا الاجراء برغبة صدام في اخماد الحركة الثورية باقل ما يمكن من خسائر مدعيا انه يتصرف بـ(نية حسنة) تجاه الشعب العراقي.
ان ما يهمنا في الموضوع هو الطريقة التي تعرض بها مثل هذه الوثائق، والتي يراد بها تجميل النظام السابق.. حيث تساءل مقدم البرنامج عن حقيقة استخدام الاسلحة الكيمياوية في قمع الانتفاضة، او حتى استخدامنها من قبل في (حلبجة).
ونحن نقول.. نعم ان الشعب العراقي يعلم حقيقة البيان الذي القته الطائرات العمودية على المدن، وانه كان مجرد خدعة.. ولكنه ما كان يملك الا ان يصدقها.. فقد استخدم صدام وزبانيته الاسلحة الكيمياوية في حربه مع ايران وفي مدينة (حلبجة) العراقية الكردية، الامر الذي دفع مجلس الامن الدولي -في حينها- الى اصدار ادانة واضحة لهذا النظام.. ولو ان استخدام الاسلحة الكيمياوية لم يكن حقيقة في السابق لما كان للتهديد باستخدامها اثر.
ولكن اليس هذا التهديد هو جريمة بحد ذاته؟ الا يعد التهديد باستخدام اسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين ترويعا لهم، يعدل استخدامها فعلا؟ الم يؤد هذا التهديد الى تشريد الملايين من العراقيين الى المناطق النائية والدول المجاورة؟ ثم ماذا فعل جيش صدام (المنتصر) بعد هذه الخدعة (العبقرية) التي اريد بها حقن الدماء؟ الم يدخل المدن الامنة بالدبابات والمدرعات؟ الم يعتقل من تبقى من رجال، وربما نساء وشيوخ واطفال، ليجعلهم هدفا لانتقامه المريض، كما شهدت على ذلك المقابر الجماعية في طول البلاد وعرضها؟ الم ينهب هذا الجيش (ذي النيات الحسنة) المحال التجارية والدور السكنية التي اضطر اصحابها الى الفرار خوفا من هذا التهديد (الخدعة)؟