Monday, August 08, 2005

الحكومة والقدرة على التغيير

يصرح العديد من العراقيين اليوم عن خيبة املهم في الحكومة الحالية معتبرين اداءها ضعيفا وقاصرا، وانها لم تول مسألة الامن اولوية خاصة بدليل تكاثر العمليات المسلحة وتنوع اهدافها بشكل فاق من ناحية التأثير والعدد مثيلاتها في عهد الحكومة السابقة او حتى تحت سلطة الحاكم المدني الامريكي. ولعل ضعف الاداء الحكومي هذا كان متوقعا في مثل هذه الظروف، وربما يرد بعضهم ان الحكومة السابقة هي السبب في هذا التردي الامني لعدم تعاملها بحزم كاف مع المسلحين وترددها ازاء العصيان المدني الذي شهدته بعض المحافظات العراقية.
والواقع انه لا يمكن الجزم بان الحالة الامنية كانت ستتحسن لو بقيت حكومة اياد علاوي في السلطة. ولكن توقع مثل ذلك الامر لن يكون خياليا كذلك. اذ ان المعروف ان الفترات الانتقالية هي اسوأ الفترات في الحكم، ليس فقط لكون الصلاحيات مقيدة، ولكن ايضا لعدم رغبة الحكومة المنصرفة في اتخاذ قرار تتحمله الحكومة المقبلة على الرغم منها. كما ان اتخاذ الحكومة الجديدة لمواقعها يستغرق وقتا يسجل لصالح المتمردين في نهاية الامر.
لقد تحققت بعض الانجازات الامنية في عهد علاوي رغم قصر فترة حكومته، ولكن حكومة الجعفري، التي توافرت على موارد اكثر وصلاحيات اكبر ودعم شعبي غير مسبوق فشلت في تحقيق اي نصر حقيقي. وبقي الطنين الاعلامي لعمليات البرق والرعد والسيف وغيرها يقابله تزايد في العمليات المسلحة ضد الشرطة والجيش والمدنيين، وبالطبع ضد القوات المتعددة الجنسيات.
وبقي المواطن يعاني من نفس الازمات، من نقص البنزين بسبب تخريب صهاريج النفط، الى نقص الكهرباء بسبب تخريب منشآت التوليد والنقل. وبقيت الحصة التموينية تراوح مكانها، ولم يعلن عن مشروع واحد رئيسي لامتصاص البطالة وتطوير الاقتصاد. ولست ادري لماذا اعتقد الناس ان الانتخابات ستأتي لهم بالحل السحري لكل مشاكلهم، ولكني افترض ان من فاز فيها يتحمل مسؤولية تحقيق بعض الطموحات الوطنية على الاقل.
ومع ان اهم مسألة تواجه الحكومة الحالية هي كتابة واقرار الدستور الدائم، الا اننا نرى ان الحكومة توجه اقل عناية لهذه العملية المهمة. نعم، تعرض الفضائيات اعلانات باهضة الثمن للحث على المشاركة في كتابة الدستور، وان الجمعية الوطنية شكلت اللجنة الدستورية وتدعو من قاطع الانتخابات الى المشاركة فيها. ولكننا لا نلمس اي تقدم في نفس عملية كتابة الدستور سوى ما يصرح علينا من نسب مئوية، تذكرنا بنسب انجاز المقاولين لاعمالهم، والتي يستحقون عليها دفعات نقدية.
ان التغيير لم يكن يوما مسألة هينة، وفي النظام الديمقراطي ليس هناك مجال للتجربة. فمن يتصدى للحكم ليس فقط من يحصل على اغلبية الاصوات، ولكن الحاصل ايضا على افضل المؤهلات، وعلى اكثر دعم من القاعدة الاقتصادية للنظام. وفي حالة العراق الفريدة،غاب التقييم العام للمؤهلات، واستغني عن الدعم الاقتصادي الحر (بسبب انعدامه اصلا) وبالتالي فقد وصلت الحكومة الحالية الى السلطة بطريق الاصوات فقط. ونحن لا نقول انهم غير مؤهلين علميا، فمن بينهم حملة شهادات عليا، ولكن هناك قصور في التأهيل السياسي والاقتصادي انعكس بشكل سلبي على اداء الحكومة ككل. ولعل هذا الدرس سيكون مفيدا في الانتخابات القادمة لكل من الناخب والمرشح على حد سواء.