Wednesday, July 14, 2004

المال والرجال

يعرف الجميع ان مصادر القوة لاي مجتمع انما تكمن في توافر الموارد المادية والطاقات البشرية، او بتعبير اوضح المال والرجال.. وان الحكومة اذا ارادت ان تكون فعالة فعليها ان تعمل على ايجادهما ورعايتهما وتوفير الفرص لاستخدامهما بالشكل الامثل.
وخلال خمسة عشر شهرا من الاحتلال، ورغم توافر الموارد للعراق سواء على صعيد الثروة الوطنية او من مساعدات الدول المانحة ومنها نفس الدول المحتلة، ورغم توفر الطاقات البشرية الهائلة التي ربما تبز معظم الدول المجاورة في حجمها وتأثيرها.. خلال هذه الفترة الطويلة لم يلمس العراقيون تطورا ملحوظا لا في بنيته التحتية ولا الفوقية.. ولاتجد مشروعا واحدا يفخر به من قام به، ولاتجد تطورا خدميا واحدا يمكن ان ينسب الى هذه الفترة التي تضاف الى قائمة الفترات المظلمة في تاريخنا الحديث وغير الحديث.
والغريب ان هناك من يتساءل في الكونغرس الامريكي عن اسباب الاخفاق في انفاق المنحة الامريكية البالغة 18 مليار دولار.. حيث ان ما تم انفاقه حسب هذا المصدر لم يتعد 3,7 مليار دولار فقط! واعتقد ان هذا المبلغ انفق على التحوطات الامنية وتدريب الشرطة وتجهيز الجيش و..الخ، لاننا لم نلمس اي مشروع حيوي واحدا مهما كانت كلفته قليلة قد انجز لحد الان في عموم العراق، باستثناء بعض اعمال التأهيل في المرافق الخدمية دون تطويرها بشكل جدي.. وان كلفة بعض هذه الاعمال قد تكون اضعاف كلفتها الحقيقية وبمواصفات قد لا تتجاوز مرتبة غير الجيدة، ان لم تكن سيئة.
واليوم وقد تسلمنا من جديد سيادتنا على اموالنا ورجالنا يحدونا الامل الى عدم تسجيل وقت ضائع اخر في فترة مظلمة اخرى تحت اية حجة. علينا المبادرة فورا الى توجيه الرجال والنساء الطامحين الى خدمة وطنهم نحو مشاريع كبرى تمسح عن وجوه العراقيين غبار عقود من التخلف وتعمل على الحاقهم في ركب الامم المتقدمة كما يليق بهم. علينا ان لا نركن فقط الى محاربة الارهاب، ونوجه كل مقدراتنا نحوه.. فهذا بالضبط ما يريده الارهابيون، من تعطيل لمسيرة التحرر وتقييد لحركة الاعمار وتحييد للطاقات البشرية الكبرى في العراق.