Monday, March 15, 2004

الحل الوسط

بعد اجتماع عاصف لمجلس الحكم خرج احد اعضاءه وصرح للصحفيين ان المجلس قد خرج بنتيجة بعد ايجاد حل وسط، واضاف (بمرارة): يبدو اننا اصبحنا متمرسين في ايجاد الحلول الوسط!
وفي الحقيقة ان التوصل الى حل وسaط في اي نقطة خلاف هو احد المباديء المهمة التي تقوم عليها الديمقراطية. ذلك ان الاختلاف في الاراء اذا اريد له ان يكون مفيدا فلابد ان يثمر عن ايجاد حل لمسالة او تشريع لقانون. وطالما كان الاختلاف سمة من سمات الطبيعة البشرية، فلابد اذن من ايجاد طريقة لتقريب وجهات النظر والخروج بالحلول الوسط.
ومما لا يختلف عليه اثنان ان هناك قضايا لايجوز ان تحل بالتسويات والحلول الوسط، وخصوصا القضايا التي تمس المعتقدات والامور المصيرية. غير اننا يجب ان لانتوسع في اضافة المسائل الى قائمة المحضورات، لان ذلك يضيع فرصة التوصل الى اتفاق.
ان من اهم عوامل النجاح للديمقراطية هو امكانية الخروج بقرارات تفيد المجتمع وتعمل على حل مشاكله، وليست هناك حكمة من النقاش المطول اذا لم يثمر عن قرار هادف. كما ان العامل الاخر لنجاح تنفيذ القرار هو اقتناع مشرعيه بفائدته ولو جزئيا، ولا يكون ذلك الا بمساهمتهم في انجازه، من خلال التعديل حسب ما يرونه مناسبا، وعلى اصحاب المقترحات الاصليين ان يتفهموا اهمية التعديلات التي يضعها الاخرون.
ان التوصل الى قرار باجماع الاراء ليس من الاشياء المعتادة في حياة الناس، ولكن التقريب بين الاراء وايجاد الحلول الوسط هو الذي يمكن من نيل رضا الجميع وبالتالي دعم الجميع، وهو الحماية الاكيدة للاقلية من تعسف (ولو غير مقصود) الاكثرية. وتلك هي ضمانة استمرار الديمقراطية اذا اريد لها ان تكون نظاما يسود الجميع.